بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
لا توجد عندنا روايات تنفي نزول الملائكة على فاطمة الزهراء (عليها السلام) ، بل العكس هناك روايات تثبت نزول الملائكة عليها (عليها السلام) وتكلمها معها ،
ومن هنا ورد في الروايات أن من ألقابها (عليها السلام) محدّثة ،
أي أن الملائكة كانت تحدّثها بعد وفاة أبيها رسول الله (صلى الله عليه وآله)
وهذا ليس ببعيد بعدما نقل لنا القرآن الكريم نماذج من النساء تحدّثن وتكلّمن مع الملائكة ، وهن لسن بنبيّات ولا وصيّات ، وإنما كنّ وليات من أولياء الله منهن :
1- مريم (عليها السلام) قال تعالى : (( وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك على نساء العالمين ))
(آل عمران:42) .
2- سارة (عليها السلام) قال تعالى : (( ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى ...
وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب قالوا أتعجبين من أمر الله ... ))
(هود:69 ـ 72) .
3- أم موسى (عليها السلام) قال تعالى : (( وأوحينا إلى أم موسى أن ارضعيه ... )) (القصص:7) .
والإعتقاد بنزول الملائكة على فاطمة الزهراء (عليها السلام) لا يعد غلّوا ، ولا مبالغة في فضلها ، فهي (عليها السلام) سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين ،
وأفضل من مريم بنت عمران ،
ومن سارة امراة إبراهيم (عليه السلام) ، ومن أم موسى (عليه السلام) ، وقد ثبت بالنصوص القرآنية مشاهدتهن للملائكة وتكليمهن لهم ، فأي غلو في نسبة مثل
ذلك لمن هي أفضل منهن ؟!
ثم إن الإيحاء لم يقتصر على الأنبياء والمرسلين وعلى من ذكرناهم من النساء ! فقد أوحى الله تعالى إلى كل من :
1- النحل ، قال تعالى : (( وأوحى ربك إلى النحل أن اتخدي من الجبال بيوتا ... )) (النحل:68) .
ومن الجدير بالذكر أن الوحي له أساليب وأغراض متعددة ، ولا تلازم بين الوحي والنبوة ، وإن كان كل نبي لابد أن يوحى إليه ، وكذلك لا تلازم بين الوحي والقرآن ،
فبالنسبة للرسول (صلى الله عليه وآله) لم يكن كل ما نزل عليه من الوحي قرآنا ، فهناك الأحاديث القدسية وهناك تفسير القرآن وتأويله ،
والإخبار بالموضوعات الخارجية وأمثال ذلك ، وكلها ليست قرآنا .
فاتضح أن تحديث الملائكة للزهراء (عليها السلام) لم يكن من الوحي النبوي ولا من الوحي القرآني
وممّا يدل على عدم الملازمة بين تحديث الملائكة والنبوة ، ما رواه صاحب (بصائر الدرجات 323 ، ط مكتبة المرعشي)
عن حمران بن أعين قال : قلت لأبي جعفر (عليه السلام) : ألست حدثتني أن عليا كان محدثا ؟ قال : بلى ، قلت : من يحدثه ؟ قال : ملك ، قلت :
فأقول : إنه نبي أو رسول ؟ قال : لا ، بل مثله مثل صاحب سليمان ، ومثل صاحب موسى ، ومثل ذي القرنين . ( أما بلغك أن عليا سئل عن ذي القرنين ،
فقالوا : كان نبيا ؟ قال : لا ، بل كان عبدا أحب الله فأحبه ، وناصح الله فناصحه ) (الغدير 5 / 48 ، عن بصائر الدرجات)
ومن الروايات الدالة على نزول الملائكة على الزهراء (عليها السلام) :
1- عن أبي عبيدة عن أبي عبد الله (عليه السلام) : ( ... أن فاطمة مكثت بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) خمسة وسبعين يوما ،
وكان دخلها حزن شديد على أبيها ، وكان جبرئيل (عليه السلام) يأتيها فيحسن عزاءها على أبيها ، ويطيب نفسها ، ويخبرها عن أبيها ومكانه ،
ويخبرها بما يكون بعدها في ذريتها ، وكان علي (عليه السلام) يكتب ذلك ، فهذا مصحف فاطمة (عليها السلام) .
عن اسماعيل بن بشّار قال : حدّثنا علي بن جعفر الحضرمي بمصر منذ ثلاثين سنة قال : حدّثنا سليمان قال : محمد بن أبي بكر لمّا
قرأ : (( وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبيّ )) (الحج: 52 )
ولا محدّث ، قلت : وهل يحدّث الملائكة إلاّ الأنبياء ؟ قال : إنّ مريم لم تكن نبيّة وكانت محدّثة ، وأمّ موسى بن عمران كانت محدّثة ولم تكن نبيّة ،
وساره امرأة إبراهيم قد عاينت الملائكة فبشّروها بإسحاق ، ومن وراء إسحاق يعقوب ، ولم تكن نبيّة ، وفاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)
كانت محدّثة ولم تكن نبيّة ( البحار 43 / 79 ) .
والمحدّث من تكلّمه الملائكة بلا نبوّة ولا رؤية صورة ، أو يلهم له ويلقى في روعه شيء من العلم على وجه الإلهام والمكاشفة من المبدأ الأعلى ،
أو ينكت له في قلبه من حقائق تخفى على غيره ، أو غير ذلك من المعاني التي يمكن أن يراد منه .
والنتيجة : أن الوحي كان ينزل على الزهراء (عليها السلام) ، لا وحي نبوي أي يدل على نبوتها ، ولا وحي قرآني أي أنه يحمل لها آيات قرآنية ،
بل وحي يوحى لها كما أوحي إلى مريم وسارة وأم موسى .
-----------------------------------------
منقول من مركز الابحاث العقائدية