اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
أدب الطفل في مدرسة أهل البيت عليهم السلام
لا تقتصر تربية الاَولاد على الاَبوين فحسب بل هي مسؤولية اجتماعية تقع أيضاً على عاتق جميع أفراد المجتمع . وحول هذه النقطة بالذات ،
يقول الاِمام الصادق عليه السلام : «أيّما ناشئ نشأ في قوم ثمّ لم يؤدّب على معصية ، فإنّ الله عزّ وجلّ أوّل ما يعاقبهم فيه أن ينقص من أرزاقهم»
فالاِمام عليه السلام يحدّد المسؤولية الجماعية عن الظواهر الاجتماعية السلبية ، ويكشف عن الترابط القائم بين التربية والتعليم
لذلك نجد القرآن الكريم ، ينقل دعوة النبي هود عليه السلام لقومه بالتوبة من المعصية والاستغفار كشرط أساسي لنزول المطر الذي حُبس عنهم ثلاث سنين :
(( ويا قوم استغفروا ربّكم ثمَّ تُوبوا إليه يُرسل السماء عليكُم مدراراً ويزدكم قوةً إلى قوَّتكم ولا تتولَّوا مُجرمين ) )(هود 11 : 52) .
فرؤية آل البيت عليهم السلام تنطوي على ضرورة تأديب أفراد المجتمع وخصوصاً لاَحداث منهم على الطاعة ، وتميل إلى أن المسؤولية في ذلك
لا تناط بالوالدين فحسب ، وإنّ كان دورهم أساسياً ، وإنّما تتسع دائرتها لتشمل الجميع ، فالسُنّة الاجتماعية بطبيعتها تنطبق على الجميع بدون استثناء .
فمدرسة أهل البيت عليهم السلام سبقت المدارس التربوية المعاصرة بالاَخذ بمبدأ (التدرج) وهو مبدأ التزمت به المناهج التربوية المعاصرة
ففيما يتعلق بالتربية الدينية ، يؤدب الطفل على الذكر لله إذا بلغ ثلاث سنين ، يقول الاِمام الباقر عليه السلام : «إذا بلغ الغلام ثلاث سنين فقل له سبع مرّات : قل : لا إله إلاّ الله ، ثم يُترك..» . ثم نتدرج مع الطفل فنبدأ بتأديبه على الصلاة ،
يقول الاِمام علي عليه السلام : «أدّب صغار أهل بيتك بلسانك على الصلاة والطهور ، فإذا بلغوا عشر سنين فاضرب ولا تجاوز ثلاثاً» ،
بعد ذلك : «يؤدّب الصّبي على الصّوم ما بين خمسة عشر سنة إلى ستّ عشرة سنة»
كما يقول الاِمام الصادق عليه السلام وفي أثناء هذه الفترات يمكن تأديب الطفل على أُمور أُخرى لا تستلزم بذل الجهد ، كأن نؤدبه على العطاء والاحسان إلى الآخرين ،
ونزرع في وعيه حبّ المساكين ، وفي هذا الصَّدد
يقول الاِمام الصادق عليه السلام : «مُر الصّبي فليتصدق بيده بالكسرة والقبضة والشيء ، وإن قلّ ، فإنّ كلَّ شيء يراد به اللّه وا ن قل بعد ان تصدق النية فيه ـ عظيم
وقد نسج الاِمام الصادق عليه السلام على هذا المنوال فقال : «دع ابنك يلعب سبع سنين ، ويؤدب سبع سنين ، والزمه نفسك سبع سنين ، فإن أفلح ، وإلاّ فإنَّه لا خير فيه»
، فمن خلال هاتين الروايتين نجد تقسيماً ثلاثياً لمرحلة الطفولة ، كل مرحلة تستغرق سبع سنين ، فالمرحلة الاَُولى هي مرحلة لعب ، والثانية مرحلة أدب ،
والثالثة مرحلة تبني مباشر للطفل وملازمته كظله
-------------------------------------------------------------------------------------------------
منقول من كتاب الحقوق الاجتماعية في الاسلام